ما وراء الانتقاء الطبيعي

كتاب لروبرت ويسون Robert Wesson من منشورات دار نشر معهد MIT المرموق. للأسف، مات روبرت في نفس السنة ولم يستطع إصدار إصدرات لاحقة للكتاب.

المحتوى

"البقاء للأفضل"..تلخص هذه الجملة عقلية النظرية التطورية حيث يلعب الانتقاء الطبيعي الدور الأساسي في تشكيل الحياة وتطورها، فالأبناء يختلفون عن الآباء، وإذا كان هذا الاختلاف مُفضلًا يحافظ عليه الانتقاء الطبيعي ويورثها لذريتهم ..وهكذا حلت معضلة الحياة والباقي مجرد تفاصيل لا أكثر. لكن وفقًا للكاتب تتزايد أعداد البيولوجيين الذين يشكون في تضخيم دور الانتقاء الطبيعي، وأطروحة هذا الكتاب هي قصور الانتقاء الطبيعي. يقول الكاتب أن نظرية الانتقاء الطبيعي بسيطة وأنيقة، لكنها تعجز في الحياة الحقيقية عن تفسير العديد من التفاصيل، ويعدد عبر كتابه العديد من الأمثلة غير المنطقية من وجهة نظر الانتقاء الطبيعي. ثم يشير إلى أن هناك نقطة في العلم حيث لا يبدو أن المزيد من الأبحاث والتحاليل مفيدة في الإجابة عن أسئلة الحياة دون مفاهيم ونماذج جديدة، وهذا ما يحصل في مختلف مجالات العلوم مثل الفيزياء. لكن البيولوجيين حولوا النظرية الدارونية إلى إيديولوجية نوعًا ما، وصار داروين كنبي أنزل عليه الوحي، ولا بد من الدفاع المستميت عن كلماته. ورغم الأمثلة الكثيرة التي تستعصي على البيولوجيين، إلا أنهم ملتزمون بنظرية داروين رغم قصورها، ربما بسبب أناقتها وجاذبيتها المنطقية المتمثلة في بنائها على محاور قليلة. إلا أن الحياة أكثر تعقيدًا برأي الكاتب، ولا يمكن اختزالها بهذه البساطة الشديدة.

التطور برأي الكاتب ناتج عن أربعة عوامل رئيسية: البيئة والانتقاء الطبيعي والنماء العشوائي chaotic وما يدعوه بالتنظيم الذاتي (أو التوجيه الداخلي) الذي يؤكد على صدارته في هذه العملية. "ففي معجزة الحياة تتخذ المواد المادية، ترتيبًا معقدًا منظمًا ذاتيًا. فالحياة ليست مجرد منتج للماضي بل برنامج لصنع المستقبل، إبداع في الكون..." ويختتم بانتقاد الأسلوب المادي الذي يُحقّر غنى الطبيعة وروائعها.

التلقي

أشاد بالكتاب الأستاذ بروس ويبر أستاذ ورئيس قسم الكيمياء الحيوية في جامعة كاليفورنيافقال: كتاب ويسون مكتوب ببراعة ويقدم استعارة غنية جدًا للإحاطة بالنظرية التطورية بالظواهر المشاهدة والتي يبدو أنها تناقضها. كما صدرت مراجعة تشيد بالكتاب في مجلة Cell المرموقة .

بالطبع كانت هناك مراجعات سلبية تهاجم الكتاب، دون التطرق إلى جوهر، مثل أن الكتاب لم يقدم بديلًا عن النظرية..إلخ.