أجداد الإنسان في الحفريات دليل للتطور
أصل الإنسان تبعاً لنظرية داروين
تبعاً لنظرية داروين، فإن جنس الإنسان المعاصر Homosapien قد تطور من نوع من أنواع القردة العليا، والمسمى بالقرد الجنوبي منتصب القامة Australopithecus. ويرسم علماء نظرية التطور الشجرة العائلية الأساسية للإنسان من أربعة أجناس أساسية تطور أحدها عن الآخر هكذا (الأسترالوبيتيكيات > هومو هابيليس > هومو إيريكتس > هومو سابينز) لكن كثيراً من الأبحاث في هذا الصدد تؤكد أن تلك الحفريات إما تنتمي بشكل واضح للقردة، أو تنتمي بشكل واضح للبشر. وعلى الرغم من ذلك فإن علماء التطور يجعلون تلك أحد تلك الحفريات سلفاً للأخرى على الرغم من أن الدلائل تشير إلى أن تلك الأنواع قد تعاصرت في وقت واحد ولم تخلف بعضها بعضاً حيث أثبتت الكشوف الحديثة بواسطة علماء الإنسانيات القديمة أن الأسترالوبيتيكيات والهومو هابيليس والهومو إيريكتس وجدت فى أرجاء مختلفة من العالم فى ذات الوقت، وأن الهومو إيريكتس تداخلت زمنيا مع الهوموسابينز فى منطقة جنوب شرق آسيا[١] [٢]
تشير هذه الأشكالية في تعاصر هذه الأنواع حسب السجل الأحفورى إلى عدم ترجيح وجود عملية تطورية كما تفترض النظرية، كما أن الحفريات التى يقول علماء التطور أنها أسلاف الإنسان هي إما أنها في الواقع إما تنتمي إلى أعراق إنسانية متنوعة أو إلى أنواع مختلفة من القردة ويوضح ذلك الدراسات التالية عن الحفريات.
جنس الأسترالوبيتكس

حسب السجل الأحفوري، يُفترض أن هذه المخلوقات ظهرت لأول مرة منذ أربعة ملايين سنة فى إفريقيا وظلت حتى مليون سنة مضت. يصنف علماء الحفريات أن أقدم هذه الأنواع هو أ . أفارينسيس ومن بعده جاء أ. أفاريكانوس ومن ثم أ. روبَسْتَس والذى كان يتميز بعظام ضخمة نسبيا. تفترض نظرية التطور أن القردة الجنوبية هي السلف الأول للإنسان غير أن كل أنواع الأسترالوبيتيكس تدل على أنها مجرد قردة منقرضة والتى تشبه القردة الحالية في سعة الجمجمة حيث حجم الجمجمة لديها مثل أو أقل بقليل من الشامبنزى الحالى.[٣]
يفترض التطوريون أن هذا الجنس من القردة قد مشى منتصب القامة غير أن العديد من العلماء الذين قاموا بقدر عظيم من البحوث على البنية الهيكلية للأسترالوبيتيكس أثبتوا عدم صحة هذه الدعوى. ففي بحث مكثف أجراه العالمان (اللورد سولى زوكرمان) والبروفيسور (تشارلز أوكسنارد) على عينات متنوعة من الأسترالوبيتيكيات، وبعد دراسة لعظام هذه الأحافير لمدة 15 سنة ـ وذلك بفضل منح من الحكومة البريطانية ـ توصل اللورد زوكرمان وفريق من خمسة أخصائيين إلى نتيجة مفادها أن الأسترالوبيتيكيات ما هى إلا نوع من القردة العادية وأنها لم تكن تمشى على رجلين كالإنسان [٤]
وكذلك تلك الدراسة التي أجراها (تشارلز أوكسنارد) عالم التشريح المؤيد للتطور والذى اشتهر ببحثه فى هذا الشأن، والذي خلص إلى أن البنية الهيكلية للأسترالوبيتيكيات مماثلة لقردة "أورانجوتان" الموجودة حاليا[٥]
كون الأسترالوبيتيكات لا يمكن أن تعد سلفا للإنسان حقيقة قبلت بها بعض المصادر التطورية مؤخرا .فلقد جعلت المجلة الفرنسية العلمية ذائعة الصيت سينْس إي فى Science et vie من الموضوع عنوانا لغلاف العدد الصادر بتاريخ مايو 1999. حيث افتحت العنوان الرئيسى لها بجملة " وداعا لوسى " Adieu lucy ـ وذكرت المجلة فيه الأدلة على أن قردة النوع أسترالوبيتيكس لابد أن تزال من شجرة عائلة الإنسان.
تقول المقالة "الرئيسيات الكبيرة والتى اعتُبرت أسلافا للإنسان تم استبعادها من معادلة شجرة العائلة هذه . فالنوعين البشرى والأسترالوبيتيكس لا يظهران على نفس الفرع فأسلاف الإنسان المباشرين فى انتظار الكشف عنهم" [٦]
جنس الهومو هابيليس
إن التشابه الكبير بين بنية الهياكل العظمية والجماجم الخاصة بالأسترالوبيتيكيات وتلك الخاصة بالشيمبانزى مقرونا بتهاوى دعوى أن الأسترالوبيتيكيات مشت منتصبة قد وضع علماء التطور فى إشكالية كبيرة.
والسبب فى ذلك أنه وفقا للمخطط التطورى التخيلى فإن الهومو إيريكتس جاءت بعد الأسترالوبيتيكيات. ذلك أن إسم الجنس "هومو" ( والذى يعنى الإنسان ) يتضمن أن الهومو إيريكتس هو أحد الأنواع البشرية وأنه مشى منتصبا. كما أن سعة الجمجمة لديه تعادل ضعف سعة جمجمة الأسترالوبيتيكيات. ولذلك فالتحول المباشر من الأسترالوبيتيكيات والتى هى قردة تشبه الشيمبانزى إلى الهومو إيريكتس والذى يمتلك هيكلا عظميا لا يختلف فى شىء عن هيكل الإنسان المعاصر هو أمر غير مطروح أو غير وارد حتى بالنسبة لنظرية التطور. ولذا فقد كان ثمة حاجة ماسة لحلقات وصل (أنماط انتقالية)، وبناءا على ذلك فقد نشأ مفهوم الهوموهابيليس من هذه الضرورة!
صدر تصنيف الهومو هابيليس فى سيتينيات القرن المنصرم بواسطة آل ليكى The Leakeys وهى عائلة من المنقبين عن الحفريات. ووفقا لهم فإن هذا النوع الجديد الذى صنفوه على أنه هومو هابيليس كان يمتلك جماجم ضخمة نسبيا إضافة للقدرة على المشي فى وضع الانتصاب واستعمال الأدوات الحجرية والخشبية، وعليه "فربما" كانت سلفاً للإنسان.
غير أن حفريات جديدة لهذا النوع تم الكشف عنها فى نهاية الثمانينيات من نفس القرن غيرت هذه الفكرة تماما> فبعض الباحثين من أمثال برنارد وود Bernard Wood و لورنج براس C. Loring Brace نصوا على أن الهومو هابيليس لابد أن تصنف على أنها أسترالوبيتيكس هابيليس! معتمدين فى ذلك على تلك الحفريات المكتشفة حديثا، ذلك أن الهوموهابيليس يشترك فى كثير من الصفات مع القردة الاسترالوبيتيكوس. فلديها أذرع طويلة وأرجل قصيرة وهياكل عظمية تشبه الاسترالوبيتيكوس تماما.
كما أن أصابع اليد والقدم كانت ملائمة للتسلق كما أن الفك لديها كان كثير الشبه بفك القردة الحالية وسعة الجمجمة لديها والتى يبلغ متوسطها حوالى 600 سنتيمتر مكعب هى أيضا فى سياق الدلالة على كونها مجرد قردة عادية لا تختلف عن الاسترالوبيتيكوس.
وقد أسفر البحث الذى أجرى فى السنوات التى تلت العمل الذى قام به العالمين وود وبراس عن أن الهوموهابيليس لم تكن بالفعل مختلفة عن الأسترالوبيتيكوس. فالحفرية OH62 والتى هى عبارة عن جمجمة وهيكل عظمى والتى عثر عليها تيم وايت Tim White أظهرت أن هذا النوع كان يمتلك جماجم ذات سعة صغيرة كما أنه كان لديها أذرع طويلة وأرجل قصيرة والتى مكنتها من تسلق الأشجار كما تفعل القردة الحالية.
ثم أثبتت الدراسات التحليلة المفصلة التى قامت بها عالمة الإنسانيات الأمريكية هولى سميث Holly Smith عام 1994 أن الهومو هابيليس ليست بشرية بالمرة بل بالأحرى وبشكل قاطع قردة. ففى معرض حديثها عن الدراسات التحليلية عن أسنان الأسترالوبيتيكيس والهو هابليس والهومو إيريكتس والهومو نياندرتالينسيس قالت سميث: "إن أنماط نمو أسنان الأسترالوبيتيكوس والهوموهابيليس تظل مصنفة على أنها فى إطار القردة الأفريقية" [٧]
وفى نفس العام توصل كل من علماء التشريح فريد سبور Fred Spoor وبرنارد وود Bernard Wood وفرانز زونيفيلد Frans Zonneveld من خلال منهجية مختلفة تماما إلى نفس النتيجة. ارتكزت منهجية هذا البحث على التحليل المقارن للقنوات النصف الدائرية semicircular canals فى الأذن الداخلية لكل من الإنسان والقردة والتى تمكنها من الحفاط على توازنها. وتوصل سبور و وود و زونيفيلد إلى النتيجة التالية:
"ضمن الحفريات المصنفة على أنها بشرية فإن أقدم نوع يظهر الشكل الخارجى morphology للإنسان العصرى modern human هو الهومو إيريكتس وفى المقابل فإن أبعاد القنوات شبه الدائرية فى الأذن الداخلية لجماجم عثر عليها فى أفريقيا الجنوبية ويعتقد أنها تنتمى للأسترالوبيتيكوس والبارا أنثروبوس Paranthropus تشبه تلك الخاصة بالقردة الضخمة الباقية حاليا"
ثم قام الباحثين بدراسة على عينة من الهوموهابيليس ألا وهى Stw 53 وتبين لهم أن هذه كانت تعتمد على المشى على قدمين بشكل أقل حتى من الأسترالوبيتيكوس. وهذا يعنى أن الهوموهابيليس كانت تشبه القردة بحد أبعد حتى من الأسترالوبيتيكوس. ومن ثم توصلوا إلى نتيجة مفادها أن Stw 53 لا تمثل نمطا وسيطا بين الشكل الخارجى للأسترالوبيتيكوس والهومو إيريكتس. [٨]
جنس الهومو إيركتس
حسبما ورد في المخطط الافتراضي للتطور البشري ينقسم التطور (الداخلي) لأنواع الإنسان إلى الأقسام الآتية: أولاً، الإنسان منتصب القامة، ثم الهوموسابينز العتيق والإنسان النياندرتالي Homo sapiens neanderthalensis، وفى النهاية الإنسان الكرومانونى (Cro-Magnon)، ومع ذلك، فإن كل هذه التصنيفات ما هي -في الواقع- سوى أجناس بشرية متفردة، ولا يزيد الاختلاف بينها عن الاختلاف مثلاً بين الأسكيمو والأفارقة أو بين قزم وأوروبي في العصر الحالي.
الإنسان منتصب القامة، والذي يشار إليه بوصفه أكثر أنواع البشر بدائية، وكما يدل الاسم فإن مصطلح Homo erectus يعني الإنسان الذي يمشي منتصب القامة. وقد اضطر التطوريون إلى تمييز هذا الإنسان عن سابقيه بإضافة صفة الانتصاب؛ ذلك أن كل الحفريات المتاحة للإنسان منتصب القامة تتسم باستقامة الظهر بدرجة لم تُلحَظ في أية عينة من عينات Australopithecus أو Homo habilis، ولا يوجد أي فرق بين الهيكل العظمى للهوموهابيليس وبين الإنسان الحديث، باستثناء الجمجمة.
السبب الرئيسي الذي جعل التطوريون يصفون الإنسان منتصب القامة بأنه بدائي هو سعة جمجمته (900 - 1100 سم3)، التي تعتبر أصغر من متوسط السعة لدى الإنسان الحديث، وكذلك نتوءات حاجبه الغليظة. ومع ذلك، فإن هناك كثيراً من الأشخاص الذين يعيشون في العالم اليوم لديهم نفس السعة الدماغية للإنسان منتصب القامة ( الأقزام على سبيل المثال)، وهناك أجناس أخرى لديها حواجب بارزة (سكان أستراليا الأصليين على سبيل المثال)، ومما هو متفق عليه عامة أن الاختلافات في سعة الجمجمة لا تدل بالضرورة على وجود اختلافات في الذكاء أو القدرات، فالذكاء يعتمد على التنظيم الداخلي للمخ أكثر من حجمه. [٩]
إن الحفريات التى جعلت الانسان منتصب القامة معروف للعالم كله هما (إنسان بكين) و(إنسان جاوة) في آسيا، غير أنه بمرور الوقت فإن هاتين الحفرتين لم يعد ممكنا الاعتماد عليهما؛ لأن إنسان بكين يتكون من بعض العناصر المكونة من الجص و التى فقدت أصولها، و إنسان جاوة يتكون من جزء من جمجمةٍ أضيف إليه عظمة من الحوض تم العثور عليها على بعد ياردات من الجمجمة دون دليل على أن هاتين القطعتين تنتميان إلى نفس المخلوق. لهذا السبب، حظيت حفريات الإنسان منتصب القامة التي عثر عليها في أفريقيا بأهمية متزايدة.
أشهر العينات المكتشفة في أفريقيا للإنسان منتصب القامة هي حفرية Narikotome homo erectus أو غلام توركانا (Turkana Boy) التي وجدت بالقرب من بحيرة توركانا في كينيا. وقد تم التأكيد على أن الحفرية لغلام في الثانية عشر من عمره كان سيصبح طوله في سن المراهقة 1.83 متر. ولا يختلف التركيب الهيكلى المنتصب للحفرية عن ذلك الخاص بالإنسان العصري.
يقول عالم الإنسانيات القديمة الأمريكي ألان واكر Alan Walker إنه يشك في أن أي عالم باثولوجى يستطيع أن يذكر الفرق بين الهيكل العظمي لهذه الحفرية وذلك الخاص بالإنسان العصري
أما بالنسبة للجمجمة قال واكر Walker أنه ضحك عندما رآها لأنها أشبه ما تكون بجمجمة الإنسان النياندرتالي (أحد أجناس الإنسان العصري) ومن ثم فإن الإنسان المنتصب homo erectus هو جنس بشري عصرى أيضاً [١٠] [١١]
وحتى التطورى ريتشارد ليكيRichard Leakey يقول أن الاختلافات الموجودة بين الإنسان منتصب القامة وبين الإنسان العصري ليست أكثر من مجرد تفاوت بين الاجناس:
"سيرى المرء أيضاً اختلافات في شكل الجمجمة ودرجة بروز الوجه وغلظة الحواجب، وغير ذلك. ولكن هذه الاختلافات ليست أكثر بروزا على الأرجح من الاختلافات التي نراها اليوم بين الأجناس المنفصلة جغرافيا للإنسان العصري. ويظهر هذا التنوع البيولوجي عندما تنفصل الجماعات جغرافياً عن بعضها لفترات زمنية طويلة" [١٢]
وقد أجرى البروفسور وليام لافلن William Laughlin من جامعة كونكتكت Connecticut فحوصات تشريحية شاملة للأسكيمو وسكان جزر أليوت ولاحظ ان هذه الشعوب تتشابه بصورة غير عادية مع الإنسان منتصب القامة. والاستنتاج الذي توصل إليه لافلن Laughlin هو أن كل هذه الأجناس المميزة هي في الواقع أجناس مختلفة من ال Homo sapiens أي الإنسان العصري، فيقول:
"عندما نتأمل الاختلافات الشاسعة الموجودة بين المجموعات النائية أمثال الأسكيمو والبوشمان، التي من المعروف أنها تنتمي إلى نوع الHomo sapiens، يبدو من المبرَّر أن نستنتج أن ال Sinanthropus (عينة منتصبة) تنتمي إلى نفس هذا النوع المتنوع" [١٣]
وفى مجلة العالم الأمريكى American Scientist تم تلخيص المناقشة حول هذا الموضوع ونتيجة المؤتمر المنعقد بخصوصه عام 2000 فى الكلمات الآتية:
"إن أغلب المشاركين فى مؤتمر سينكينبيرج انخرطوا فى مناظرة حامية حول الوضع التصنيفى للهومو إيريكتس، فلقد انتصروا بضراوة لفكرة أن الهوموإيريكتس ليست له أية صلاحية فى أن يكون نوعا مستقلا ولابد أن يمحى كليةً. فالأعضاء المنتمية للجنس البشرى منذ مليونى عام وحتى الآن هى نوع واحد متنوع لدرجة عالية وواسع الإنتشار ألا وهو (الهوموسابينز) بلا أية أقسام فرعية. ولذلك فموضوع المؤتمر ـ وهو الهومو إيريكتس ـ لم يكن موجوداً يوماً من الأيام" [١٤]
جنس الهومو إرجاستر
يعتبر بعض العلماء أن الحفريات التى يقال أنها تعود لإنسان منتصب القامة في إفريقيا يجب أن تصنف تحت جنس منفصل، ولذلك قام البعض بتصنيفها تحت إسم Homo ergaster بواسطة بعض التطوريين، لكن هناك عدم اتفاق بين العلماء حول هذه المسألة وذلك للتشابه الشبه تام بينها وبين الهومو إيركتس، فكلها في الحقيقة تتبع هومو إيركتس.
الهومو سابينز العتيق Archaic Homo sapiens والهومو هايدلبيرجينسيس Homo heidelbergensis والإنسان الكرومانونى Cro-Magnon Man
الهوموسابينز العتيق هو الخطوة الأخيرة قبل الإنسان العصرى فى المخطط التطورى الافتراضي للإنسان. وفى الواقع فإن التطوررين ليس لديهم الكثير كى يقولوه عن هذه الحفريات حيث أن الفروقات بينها وبين الإنسان العصرى طفيفة للغاية، حتى إن بعض الباحثين أوضحوا أن ممثلين عن هذا العرق لايزالون على قيد الحياة فى يومنا هذا مشيرين إلى أهل أستراليا الأصليين كمثال. فكما هو الحال بالنسبة للإنسان العتيق فإن الأستراليين الأصليين لديهم حواجب بارزة وغليظة وبنية الفك جانحة نحو الداخل والسعة الدماغية أضأل بشكل طفيف.
والمجموعة المسماة هومو هايديلبيرجنسيس فى الكتابات التطورية لا تختلف حقيقة فى شىء عن الهومو سابينز العتيق. فكل الحفريات المدرجة تحت تصنيف الهومو هايديلبيرجنسيس ترجح أن أناسا كانوا مشابهين جدا من الناحية التشريحية للأوربيين فى العصر الحديث عاشوا منذ 500.000 أو حتى منذ 740.000 سنة فى إنجلترا وأسبانيا .
ومن المقدر أن الإنسان الكرومانونى عاش قبل 30.000 سنة وقد كان لديه دماغ يشبه القبة وجبهة عريضة والسعة الدماغية لديه ( 1600 سم 3 ) وهى أكبر بقليل من متوسط السعة الدماغية لدى الإنسان العصرى.
بعض الكشوفات الحديثة المتعلقة بعلم الإنسانيات القديمة أظهرت أن العرقين الكرومانونى والنياندرتالى اختلطا ببعضهما البعض ووضعا لبنة الأعراق الموجودة فى يومنا هذا. وبناءا على ما سبق فليس هناك شىء من تلك الكائنات الآدمية هو فى الواقع نوعا بدائيا، فلقد كانوا آدميين مختلفين عاشوا فى أزمان مبكرة، وإما أنهم قد تم استيعابهم ودمجهم أو اختلطوا بالأعراق الأخرى. [١٥]
إكتشافات تأثير الفوضى في شجرة تطور الإنسان
مما سبق يتبين العديد من الانتقادات التي تعرضت لها نظرية تطور الإنسان من القردة العليا هذا إلى جانب العديد من الاكتشافات الحديثة التي قلبت شجرة تطور الإنسان المفترضة رأساً على عقب، فعلي سبيل المثال:
1- عثرت عالمة الحفريات الشهيرة ماري ليكي MARY LEAKEY في سنة 1977 بمنطقة ليتولي LAETOLI في تنزانيا على مجموعة من أقدم آثار الإنسان وأثارت هذه البقايا ضجة كبيرة في دنيا العلوم. فقد أشارت البحوث إلى أن تلك الآثار كانت موجودة في طبقة عمرها 3.6 مليون سنة. وكتب راسل تاتل RUSSLE TUTTLE، الذي شاهد آثار الأقدام، ما يلي: . "من الممكن أن يكون هومو سابيانس صغير حافي القدمين قد خلَّف هذه الآثار وعند دراسة كل السمات التشكلية القابلة للتمييز، لا يمكن التمييز بين أقدام الأفراد الذين خلفوا تلك الآثار وبين أقدام البشر العصريين" [١٦]
كشفت الدراسات المحايدة التي أجريت على آثار الأقدام عن أصحابها الحقيقيين. تألفـت آثار الأقدام هذه من 20 أثرا متحجرا لإنسان عصري في العاشرة من عمره و27 أثرا لإنسان يصغره عمرا. وأيد هذه النتيجة مشاهير علماء الأنثروبولوجيا القديمة من أمثال دون جونسون DON JOHNSON وتيم وايت TIM WHITE، اللذين فحصا الآثار التي اكتشفتها ماري ليكي. وكشف وايت عن أفكاره قائلا:
"لا يوجد أدنى شك في أن هذه الآثار تشبه آثار أقدام الإنسان العصري. فإذا تُرك أحد هذه الآثار اليوم على رمال أحد شواطئ كاليفورنيا، وسئل طفل في الرابعة من عمره عن ماهيتها، سيجيب على الفور أن شخصا ما مشى هناك. ولن يستطيع هذا الطفل، ولا أنت كذلك، التمييز بينها وبين مئات الآثار الأخرى المطبوعة على رمال الشاطئ" [١٧]
2- فك الإنسان العصري البالغ من العمر 2.3 مليون سنة، الذي عثر عليه في منطقة هدار HADAR بإثيوبيا، كان له كذلك أهمية كبيرة لأنه بيّن أن الإنسان العصري وُجد على الأرض قبل فترة أطول مما توقعه أنصار التطور [١٨]
3- ومن الحفريات البشرية التي حظيت بأكبر قدر من الاهتمام تلك التي عثر عليها في إسبانيا في سنة 1995. وقد تم اكتشاف الحفرية موضع النقاش في كهف يدعى جران دولينا GRAN DOLINA في منطقة أتابويركا ATAPUERCA بأسبانيا على يد ثلاثة علماء أسبان من جامعة مدريد متخصصين في الأنثروبولوجيا القديمة. وكشفت الحفرية عن وجه صبي في الحادية عشرة من عمره كان يبدو مثل الإنسان العصري تماما، على الرغم من مرور800.000 سنة على وفاته. وقد هزت هذه الحفرية أيضا ما كان مقتنعا به خوان لويس أرساجا فريراس JUAN LUIS ARSUAGA FERRERAS نفسه، الذي قاد عمليات الكشف في جران دولينا. وقال فريراس:
"لقد توقعنا أن نجد شيئا كبيرا، شيئا ضخما، شيئا منتفخا، كما تعلم، شيئا بدائيا. لقد توقعنا أن يكون غلام عمره 800.000 سنة مشابها لطفل توركانا. ولكن ما عثرنا عليه كان وجها عصريا تماما. بالنسبة لي كان الأمر مثيرا للغاية. إن العثور على شيءٍ كهذا غيرِ متوقع على الإطلاق لهُوَ من الأشياء التي تهز كيانك. فعدم العثور على حفريات أمر غير متوقع، تماما مثل العثور عليها، ولكن لا بأس. إلا أن أروع ما في الأمر هو أن تجد شيئا في الماضي كنت تعتقد أنه ينتمي إلى الحاضر. إن الأمر أشبه بالعثور على شيء مثل جهاز تسجيل في كهف جران دولينا. سيكون ذلك مدهشا للغاية، لأننا لا نتوقع العثور على أشرطة كاسيت وأجهزة تسجيل في العصر البلستوسيني الأدنى. وينطبق ذات الشيء على اكتشاف وجه عصري عمره 800.000 سنة. لقد اندهشنا جدا عندما رأينا هذا الوجه" [١٩]
4- الجمجمة الحفرية التي اكتشفت في سنة 2001 وأطلق عليها اسم كينيانثروباس بلاتيوبس KENYANTHROPUS PLATYOPS وقد أدلى عالم الحفريات ونصير التطور دانيال إي. ليبرمان DANIEL E. LIEBERMAN ، من قسم الأنثروبولوجيا بجامعة هارفارد، بالتصريح التالي حول الكينيانثروباس بلاتيوبس في مقالة نشرها في المجلة العلمية الرائدة ناتشر NATURE:
"إن التاريخ التطوري للبشر معقد وغير محسوم. ويبدو الآن أنه على أعتاب الدخول في مزيد من الفوضى بسبب اكتشاف نوع وجنس آخرين، يرجع تاريخهما إلى 3.5 مليون سنة ماضية. وتثير طبيعة الكينيانثروباس بلاتيوبس تساؤلات كثيرة حول تطور البشر عموما وسلوك هذا النوع خصوصا. لماذا، على سبيل المثال، يجمع هذا النوع بشكل غير اعتيادي بين أسنان الوجنة الصغيرة والوجه المفلطح الكبير الذي يوجد فيه قوس عظام الوجنة في الناحية الأمامية؟ فكل أنواع الهومينين (HOMININ SPECIES) الأخرى المعروفة التي تتميز بأوجه كبيرة وعظام وجنة في مواضع مشابهة لديها أسنان كبيرة. أنا أظن أن الدور الرئيسي للكينيانثروباس بلاتيوبس خلال السنوات القليلة القادمة هو أن يكون بمثابة هادم اللذات، لأنه يؤكد على الفوضى التي تواجه البحث في العلاقات التطورية بين أنواع الهومينين" [٢٠]
5- الحفرية الجديدة المسماة ساحلنثروباس تشادينسيز SAHELANTHROPUS TCHADENSIS التي اكتشفت في التشاد بوسط إفريقي في صيف 2002.
وأثارت هذه الحفرية عاصفة في عالم الداروينية. وقد اعترفت مجلة ناتشر ذات الشهرة العالمية في مقالها الذي أعلنت فيه خبر الاكتشاف أن "الجمجمة المكتشفة حديثا يمكن أن تقضي على أفكارنا الحالية بشأن تطور الإنسان". كما قال دانيال ليبرمان من جامعة هارفارد: "سيكون لهذا (الاكتشاف) أثر قنبلة نووية صغيرة" [٢١]
ويرجع السبب في ذلك إلى أنه على الرغم من أن الحفرية موضع النقاش عمرها 7 ملايين سنة، فإن لها بنية "تشبه بنية الإنسان" (وفقا للمعايير التي استخدمها أنصار التطور حتى الآن) أكثر من بنية قردة الأسترالوبيتكس التي يبلغ عمرها 5 ملايين سنة والتي يُزعم أنها "أقدم سلف للبشرية". ويبين ذلك أن الروابط التطورية التي تم تحديدها بين أنواع القردة المنقرضة إنما جاء بناءاً على معايير غير موضوعية.
وأكد هذا الرأي جون وايتفيلد JOHN WHITEFIELD عالم الأنثروبولوجيا ونصير التطور من جامعة جورج واشنطن، في مقالته المعنونة "اكتشاف أقدم عضو في العائلة البشرية" إذ يقول:
"عندما التحقت بكلية الطب في سنة 1963 كان التطور البشري أشبه بالسلم". وقد تدرجت درجات السلم من القرد إلى الإنسان من خلال تطور الأشكال الوسيطة، التي كان شَبَه القردة في كل منها يقل شيئا فشيئا عن سابقه. والآن، أصبح التطور البشري أشبه بالأجمة. فقد أصبح لدينا معرض من حفريات الهومينيد، وما زال الجدل دائرا حول علاقة كل منها بالآخر وحول أيها، إن وجد، هو سلف البشر"
References
- ↑ David Pilbeam, 1978, "Rearranging Our Family Tree," Human Nature, June 1978, p. 40
- ↑ C. C. Swisher III, W. J. Rink, S. C. Antón, H. P. Schwarcz, G. H. Curtis, A. Suprijo, Widiasmoro, "Latest Homo erectus of Java: Potential Contemporaneity with Homo sapiens in Southeast Asia," Science, Volume 274, Number 5294, Issue of 13 Dec 1996, pp. 1870-1874
- ↑ Beck, Roger B.; Linda Black; Larry S. Krieger; Phillip C. Naylor; Dahia Ibo Shabaka (1999). World History: Patterns of Interaction. Evans ton, IL: McDougal Littell. ISBN 0-395-87274-X.
- ↑ Solly Zuckerman, Beyond The Ivory Tower, Toplinger Publications, New York, 1970, pp. 7594
- ↑ Charles E. Oxnard, "The Place of Australopithecines in Human Evolution: Grounds for Doubt," Nature, vol. 258, 4 December 1975, p. 389
- ↑ Isabelle Bourdial, "Adieu Lucy," Science et Vie, May 1999, no. 980, pp. 52-62
- ↑ Holly Smith, American Journal of Physical Antropology, vol. 94, 1994, pp. 307-325
- ↑ Fred Spoor, Bernard Wood & Frans Zonneveld, "Implications of Early Hominid Labyrinthine Morphology for Evolution of Human Bipedal Locomotion," Nature, vol 369, 23 June 1994, p. 645-648
- ↑ Bernard Wood, Mark Collard, "The Human Genus," Science, vol. 284, No 5411, 2 April 1999, pp. 65-71 - URL: http://science.sciencemag.org/content/284/5411/65
- ↑ Marvin Lubenow, Bones of Contention: a creationist assessment of the human fossils, Baker Books, 1992, p. 83
- ↑ Boyce Rensberger, Washington Post, 19 October 1984, p. A11
- ↑ Richard Leakey, The Making of Mankind, Sphere Books, London, 1981, p. 116
- ↑ Marvin Lubenow, Bones of Contention: a creationist assessment of the human fossils, Baker Books, 1992. p. 136.
- ↑ Pat Shipman, "Doubting Dmanisi," American Scientist, November- December 2000, p. 491
- ↑ Erik Trinkaus, "Hard Times Among the Neanderthals," Natural History, vol. 87, December 1978, p. 10; R. L. Holloway, "The Neanderthal Brain: What Was Primitive," American Journal of Physical Anthropology Supplement, vol. 12, 1991, p. 94.
- ↑ IAN ANDERSON, "WHO MADE THE LAETOLI FOOTPRINTS?" NEW SCIENTIST, VOL. 98, 12 MAY 1983, P. 373.
- ↑ D. JOHANSON & M. A. EDEY, 1981, LUCY: THE BEGINNINGS OF HUMANKIND, Simon & Schuster; Reissue edition (September 15, 1981)
- ↑ D. JOHANSON, BLAKE EDGAR, 1996, FROM LUCY TO LANGUAGE, P.169, Simon & Schuster; First Edition edition (November 27, 1996)
- ↑ IS THIS THE FACE OF OUR PAST, DISCOVER, DECEMBER 1997, PP. 97-100
- ↑ DANIEL E. LIEBERMAN, "ANOTHER FACE IN OUR FAMILY TREE," NATURE, MARCH 22, 2001, (EMPHASIS ADDED)
- ↑ JOHN WHITFIELD, "OLDEST MEMBER OF HUMAN FAMILY FOUND," NATURE, 11 JULY 2002