اندماج الكرموسوم الثاني في الإنسان

من Wiki Tanweer
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

يحمل جينوم الشامبنزي 24 زوجاً من الكرموزومات، بينما يحمل الجينوم البشري على 23 زوجاً من الكرموزومات. يبدو أن هناك تفسيرا داروينيا ما لهذا الاختلاف في إطار القرابة التطورية بين كلا النوعين ، أو بمعنى أكثر دقة يجب أن يكون هناك تفسير ما يشرح هذا الفرق!

كان التفسير هو أن هذا الاختلاف نتج عن عملية إنصهار أو إندماج اثنين من الكرموسومات فى سلف الإنسان القريب ليظهرا  ككرموزوم واحد، ويدل على ذلك وجود  ندوب أو آثار التحام .

ويتلخص التفسير التطوري في الإدعاء بأن الكرموسوم الثاني للإنسان هو نتاج إندماج إثنين من الكروموسومات في الشمبانزي  هما (2A) (2B) في طفرة حدثت بأحد الآباء فى عهد قريب من تاريخ التطور، ويدل على ذلك وجود تشابه بين نهايات هذين الكروموزومين المعروفة باسم التيلوميرات ( telomeres ) بالشمبانزي  ومنطقة منتصف الكروموسوم الثاني فى البشر كنتيجة للالتحام!

حجة بظاهرها قوية وذكرت من قبل الكثير من التطوريين كدليل لا يقبل الشك، لكن قبل أن نخوض في تفنيد هذه الحجة يتوجب علينا توضيح بعض التعريفات المستخدمة معنا والتي ستتكرر كثيرا!

محور النقاش ومسرح تلك العملية هو الكرموزوم  أو الصبغي.

ماهو الكرموزوم ؟

التيلومير وموقعه في الكروموزوم
التيلومير وموقعه في الكروموزوم

الكرموزوم عبارة عن تركيب قضيبي الشكل يقع في نواة الخلية , منطقة الوسط بالكرموزوم  تسمى السنترومير Centromere  وأطراف الكرموزوم هي تكرارات لسلاسل من الحمض النووي  تسمى التيلومير telomere  تعمل تماما كنهاية رباط الحذاء النحاسية أو البلاستيكية. [١]

تتكون التيلوميرات من تكرار جنباً إلى جنب لسلسلة من الحمض النووي (النيكلوتيدات التي يرمز لها بالرموز TTAGGG)، وهذه الرموزهي أحجار البناء للحمض النووي (DNA) حيث يرمز كل حرف اختصارا  إلى واحدة من القواعد الكيميائية التي تميز كل نيكليوتيدة عن أخرى. فمثلا T هي الثيمين Thymine و G هي الجوانين Guanine. 

موقع الالتحام المفترض في الكروموزوم الثاني

من خلال معرفتنا بطبيعة التيلوميرات فإنه وبمقارنة تلك التكرارات من الحمض النووي في أطراف الكرموزومين الصغيريين للشمبانزي مع منطقة الوسط المفترضة للإلتحام في الكرموزوم الثاني بالبشر يتوجب عليها أن تظهر تشابها واضحا  وهذا ما أوهم به التطوريون من فحص ومقارنة تلك المناطق!

يفترض أنصار التطور أنه يوجد بتسلسل الكروموسوم الثاني البشري مفتاحان مهمان يدلان على الالتحام، وسنعترض معاً هذين الافتراضين.

الافتراضات حول الكروموزوم الثاني في الإنسان

الفرضية الأولى: حصل التحام بين كروموسومين من الشمبانزي، ويثبت التطوريون ذلك بالدراسات التي تمت على التكرارات التيلوميرية في الكروموسوم الثاني في الإنسان والشمبانزي

 إختبار الفرضية:

من الثابت أن المنطقة التليوميرية في نهايات الكروموسومات تتكون عادة من الآف التكرارات لتسلسلات الحمض النووي للأزواج القاعدية الستة TTAGGG . ولكن بمقارنة ذلك مع نقطة الانصهار المزعوم في الكروموسوم البشري الثانى نجد أنها تحتوي على تسلسلات من الحمض النووي أقل بكثير مما ينبغي أن تحتويه منطقة تليوميرية telomeric لو حصل اندماج وإنصهار رأس لرأس كما يفترض التطوريون. وهذا ما أكدته الدراسة المنشورة عام 2002 في دورية الجينوم العلمية، حيث يقول الباحثون (إذا حدث الاندماج في المنطقة التيلوميرية في أقل من 6 مليون سنة، فلماذا منطقة الاندماج متدهورة بهذا الشكل؟) ويقولون أيضاً (إن كمية بيانات التكرارات التليوميرية ناقصة إلى حد مهول)! 

فاجئت هذه النتائج الباحثين، لأنه من المفترض أن الانصهار قد حدث مؤخرا - وهذه الاختلافات الكثيره والتدهور مثير للدهشة. وبالتالي تتساءل الدراسة:

"اذا حدث الاندماج في المنطقة التيلوميرية في أقل من 6 مليون سنة,لماذا منطقة الاندماج متدهورة بهذا الشكل؟" [٢]

كما أن الحمض النووي التيلوميري في نهاية الكروموزومات يتكون من الاف التكرارات من TTAGGG. لكن نقطة الاندماج المزعوم في الصبغي الثاني البشري تحوي حمضا نوويا تيلوميريا أقل مما ينبغي لو كان الاندماج حصل فعلا، ويوضح العالم التطوري Daniel Fairbanks الفارق الفعلي بين المفترض وجوده وما هو موجود فعلياً فتقول الدراسة عن موضع الالتحام المفترض (إن هذه المنطقة تحتوي فقط 158 تكرارا، منها 44 فقط متطابقة)، يعني نسبة التكرارات المتطابقة الموجودة هي تقريباً 28% فقط [٣]

وكما عودتنا لجأت الدارونية التى تعتمد الاستدلال الدائري والافتراضات المرسلة إلى تفسير إضافي لتخطي تلك الملاحظة التى من شأنها أن تفسد الاختبار وتكلله بالفشل، وأعزى أنصار التطور حدوث تدهور لتلك المنطقة إلى ثلاثة فرضيات:

1- الإلتحام لم يحدث في الأطراف بشكل تام بل حدث بموقع قريب منها

2- الإلتحام حدث عند الأطراف تماما لكنها تدهورت بشكل كبير لاحقاً بغير سبب مفهوم

3- يمكن إعزاء بعض التدهورات لأخطاء في عملية التسلسل sequencing errors

ولكن حتي هذه الادعاءات هي مجرد افتراضات لا دليل عليها ولا يمكن قياسها لأن مستوى التدهور أكبر بكثير مما يمكن أن يتحمله عمر ستة ملايين عام كحد أقصي من عمر الاندماج المزعوم وهذا في الأساس هو ما أثار دهشة القائمين على البحث!

الملاحظة الثانية اللافتة للنظر هنا والتي تقدح بشدة في ذلك الزعم هي أن وجود تكرارات التسلسلات التيلوميرية  DNA telomeric داخل كروموسومات الثدييات حدث مـألوف، ولا يشير بالضرورة الى حدوث إنصهار قديم لاثنين من الكروموسومات.كما يشير  عالم الأحياء التطوري ريتشارد ستيرنبرغ  إلى أن تسلسل التكرارات التيلوميرية توجد عادة في جميع أنحاء جينوم الثدييات، ولكن تسلسل التكرارات التيلوميرية في الكرموسوم الثاني في البشر هى ما راوغ أنصار التطور حوله ، وتم استخدامه كدليل لحدث الانصهار!

إن مسألة وجود التكرارات التيلوميرية ITSs في الحقيقة ليس حدثاً استثنائياً، وليس موجوداً فقط في الإنسان ولا في كروموزوم (2) بالتحديد بل هي موجودة في كروموزومات أخري في البشر مثل كروموزوم 9 و 22 بنسبة تشابه يتراوح بين 96% الى 99% مع قطع الإندماج فى الكرموزوم الثاني! [٢] بل موجودة في غير البشر، في الفئران و الجرذان و الأبقار [٤] [٥]بل موجودة في كائنات أقل تعقيداً مثل الخميرة [٦] وهذه دراسة أخرى توضح أن وجود التكرارات التيلوميرية في مناطق غير نهايات الكروموزوم ليست حدثاً استثنائياً حيث تقول الدراسة:

"في دراسات تمت على مائة نوع من الكائنات الفقارية، من السمك وحتى الإنسان، أن تركيب التكرارات التيلوميرية TTAGGG ثابت فيها جميعاً. وهذا التكرار التيلوميري وجد أيضاً في أماكن عدة غير نهايات الكروموزومات في العديد من الكائنات، في الأغلب في المناطق القريبة من السنترومير أو حوله [٧]

بل وجد أن هذا التكرار نفسه الموجود بمنطقة الاندماج فى الكرموزوم الثاني البشري، موجود أيضاً في وسط الكروموزومات رقم 9 و 2 و 22 في الغوريلا والأورانجوتان، وهي كائنات أبعد كثيراً من الشمبانزي عن الإنسان في النظرة التطورية [٨]

وفقا للرواية التطورية، من المفترض أن هذه القطع حديثة التكوين هي نتيجة الإندماج المفترض بعد انفصال الإنسان عن السلف المشترك مع الشامبنزي، ولذلك ليس من المفترض أن نراها في قردة أو أنواع إنفصلت في تاريخ تطوري أقدم من إنفصال البشر والشامبنزي مثل الغوريلا والأورانجوتان! لكن الأكثر غرابة فى تلك المشاهدات، أن بعض تلك القطع متواجدة في الغوريلا و الانسان وغائبة تماماً في الشمبانزي [٨]

فلماذا من كل هذه التكرارات التيلوميرية غير الموجودة في نهايات الكروموزمات تم اختيار هذا التكرار بالذات وجعله دليلاً على سلف مشترك؟ .. هذا هو ببساطة النسق الانتقائي المعتاد للتطور!

ثم يعمد الباحثون في الدراسة التي تؤكد وجود مثل هذه المناطق المندمجة المفترضة في الغوريلا والأورانجوتان إلى سوق مجموعة من الافتراضات المرسلة غير القابلة للقياس، فتقول الدراسة: "إما أن الاورنجوتان والغوريلا اكتسبا نسخ من أجزاء التسلسل RP11–432G15 بشكل مستقل في هذه المواقع أو أن التسلسل نشأ في هذه المواقع قبل أن تنفصل الرئيسيات عن بعضها ثم فقد هذا التسلسل عند البشر والشيمبانزي" [٨] هنا يفترض الباحثين أن الاورانجتان و الغوريلا قد حصلا على أجزاء من القطع المندمجة بشكل مستقل في هذه المواقع بعد الإندماج المزعوم بطريقة (غامضة ما)، وبالصدفة البحتة كانت في أماكن مطابقة لتلك الموجودة في كروموزومات الانسان، أو أن قطع مشابهة للإندماج وقعت بالصدفة أيضاً في هذه الإماكن قبل أن ينفصل الانسان عن القردة ثم فقدت من السلف المشترك بين الإنسان والشمبانزي! مرة أخرى، تفسيرات مرسلة بلا أية أدلة!

وتثبت دراسة أخرى أن التكرارات التيلوميرية في كروموسوم (2) في الإنسان ليست متواجدة في مكانها الذي يفترض أن تكون موجودة فيه نتيجة التحام الكروموسومين في الشمبانزي، وأن وجود مثل هذه القطع ليس دليلاً على تصليح في الكسر الكروموزومي ولا يتناسب توزيعها مع أي سيناريو تطوري بين الانسان و القردة [٩]


الفرضية الثانية: الكروموسوم (2) في الإنسان هو الوحيد الذي يحتوي على 2 جزء وسطي (سنترومير)، وبالتالي فهو نتيجة اندماج كروموزومين

الاندماج المفترض حدوثه ووجود جزئين وسطيين

إختبار الفرضية:

لكل كروموسوم جزء مركزي فاعل واحد ضروري للحفاظ على فعالية وتوازن الخلية لان وجود جزئين مركزيين يؤدي الى اختلال التوازن وبالتالي اضمحلال الكروموسوم، وهذه دراسة توضح هذه الفكرة، أن وجود 2 سنترومير يؤدي للتحلل الخلوي [١٠] وعلى الرغم من عدم وجود آلية معروفة لتعطيل الجزء المركزي في كروموسوم الانسان إلا أن انصار الاندماج يفترضون أنه قد حدث بطريقة مجهولة ما بعد الالتحام. وقد اعتمد هذا الدليل المفترض على النتائج التي تفيد بأن "الجزء الوسطي في اي كروموسوم في الانسان والقردة يحتوي مناطق من تسلسل DNA متغيرة بصورة كبيرة وتكرر نفسها مرارا وتكرارا تسمى تسلسلات الألفويد (Alphoid) ". وتسلسلات الألفويد في الكروموزومات موجودة لدى البشر في كل جزء وسطي (سنترومير) وموجودة أيضاً في موقع بالكروموسوم الثاني البشري حيث يفترض أن تكون بقايا الجزء الوسطي الثاني المضمحل. وهذه البقايا افترض التطوريون أنها دليل على وجود حالي لجزء وسطي ثاني معطل وظيفيا.

المشكلة الرئيسية في هذا الادعاء تكمن في أن تسلسلات الألفويد على الرغم من وجودها في المناطق الوسطية فوجودها ليس مقتصراً على الاجزاء الوسطية في كروموسوم الانسان فقط، ومن ذلك فإن وجود تسلسلات الألفويد بتلك المناطق لا يدل بالضرورة على وجود بقايا لجزء وسطي مضمحل، لأنه استناداً إلى هذا التفسير فإننا يمكننا الاستنتاج بوجود مئات من الاجزاء الوسطية المنحلة وهذا بالطبع أمر محال.

فوجود هذه التسلسلات التي تم افتراض أنها بقايا سنترومير مضمحل موجودة مثلاً في الكروموسوم رقم 17 في الإنسان أيضاً، مقارنة بالكروموسوم رقم 19 في الشمبانزي، بنسبة تشابه حوالي 91% [١١] وسجلت دراسة أخرى وجود أماكن أخرى لأحداث مشابهة لتسلسلات الألفويد فى كل الرئيسيات [١٢]

وتظهر هذه الدراسة أيضاً رصد تضارب بين النتائج المرصودة لمناطق تسلسلات الألفويد مع سجلات الأنساب التطورية المفترضة [١٣] .. كما توضح هذه الدراسة أيضاً أن هذه التسلسلات موجودة أيضاً في كروموسومات أخرى في الإنسان وتتشابه فيما بينها، مثل التشابه في كروموسوم 13 و 21 .. وبين كروموسوم 14 و 22 .. فالعلماء لم يجدوا 2 سنترومير في الكروموزوم الثاني (حسب السيناريو الدارويني) بل وجدوا سنترومير واحد فقط فعال، وجزء آخر هو تكرارات Alphoid Sequences تم افتراض أنها سنترومير آخر (غير فعال) رغم أن مثل هذه التكرارات موجود في الكروموزومات الأخرى [١٤]

و تلخص دراسة أخرى حديثة موسعة الاعتراضات على سيناريو الاندماج المفترض، وذلك من خلال إعادة تقييم الأدلة والمعطيات ذاتها بواسطة "جيفري بيرجمان" و "جيري تومكنز" وهما من علماء الوراثة المتخصصين. [١٥] خلصت الدراسة إلى نتيجة عدم صحة الزعم الدارويني حول نموذج الالتحام المزعوم, وتلخصت نتائج ذلك البحث في نقاط جوهريه أهمها:

1- موضع الإندماج المفترض والموجود في منطقة ما حول مركز الكرموسوم الثاني يتوجب عليه أن يظهر درجة معقولة من الحفاظ على ترادف عناصر الاجزاء النهائية  التليوميرات من الكروموزومات  الخاصه بالشمبانزي . ولكن الواقع وبدلا من ذلك فإن المنطقة مضمحلة ومشوهة بدرجة كبيرة!

2- بالنسبة لقطعة الـ DNA التي تمثل لب موضع الإندماج فإنه لايوجد تطابق مع جينوم الشمبانزي في المناطق التيلوميرية المتوقع أن توجد فيها على الكروموسومين 2A و 2B

3- المنطقة المحيطة بموضع الإندماج والمتكونة من 30 كيلو قاعدة  نيوكليوتيدية توجد فيها قلة من العناصر المترادفة الكاملة (بالتسلسل الأمامي والعكسي ) وبالنسبة للموجود منها فإن القليل منه في ترادف أو في إطار

4- عناصر الأجزاء النهائية المكررة (التيلوميرية ) ذات التسلسل والتسلسل المعاكس (TTAGGG و CCTAAA) كلاهما موجود على جانبي موضع الإندماج في حين أنه يجب ان يكون الإمامي إلى اليسار فقط والعكسي إلى اليمين فقط

5- التسلسل في منطقة اللب موضع الإندماج ذات ال 798 زوج من القواعد النيوكليوتيدية ليس فريد من نوعه لموضع الإندماج المزعوم ولكنه موجود خلال كل الجينوم بنسبة 80 % أو أكثر

إشكاليات حول نموذج الالتحام المفترض

الإشكالية الأولي:

نعلم أنه لا توجد أي دلالة لعدد الكرموزومات على التطور، ولا يعتبر الإختلاف أو التشابه في عدد الكرموزومات دليلا على التطور، فداخل الأنواع القريبة في شجرة التطور المفترضة تتباين الكرموزومات بشكل كبير جدا حيث تختلف أعداد الكروموزومات داخل فصائل الثعالب من 38 إلى 78 كرموسوم، والفئران تم تسجيل تباين بين أنواعها بين 22 الى 40 كروموزوم، كما يتضح ذلك أيضا فى الخيول البرية والمستأنسة بإختلاف بين 33 إلى 32 زوج من الكرموسومات!

تمثيل لحدث الانصهار المفترض

ولذلك فإن هذا الخط من التفكير حول اعتماد نموذج الإلتحام بناءاً على التشابهات في عدد الكرموزومات بين الإنسان والقردة لا يصلح للإستدلال على وجود سلف مشترك بينها.

"إن افتراض أن الكروموزوم الثاني للبشر هو مندمج كما يدعي كولينز، اندماج الصبغي البشري يظهر بالكاد أنه في نقطة من خط تطورنا صبغييان أصبحا ملتحمين. منطقيا هذا الدليل لا يخبرنا شيئاً حول ما إذا كان خطنا يرجع لسلف مشترك مع القردة ولا يخبرنا شيئاً حول هل كان البشر الأولون أشباه قردة. حتى لو كان لأسلافنا 24 زوج من الصبغييات، فإنهم سيبقون مثل البشر الحاليين. وكما يقول جوناثان ماركس عالم الأنثرولولوجيا من جامعة كارولينا الشمالية: '' إن اندماج الكروموزومين ليس هو من أعطانا اللغة، أو ثنائية الحركة، أو أدمغة كبيرة، أو الفن، أو علكة بدون سكر، هو فقط أحد التغيرات الحيادية ينقصه التعبير الخارجي، و ليس جيداً أو سيئاً.

في أحسن الأحوال، فبرهان الإندماج الكروموزومي يستلزم أن أحد أسلافنا حدث له اندماج كروموزومي و تم تصليحه عند البشر الحديثين. لكن هذا البرهان لا يخبرنا شيئاً حول ما إن كنا نتشارك سلفاً مشتركاً مع القردة.

هذا البرهان لا يوفر دليلاً خاصاً أن البشر لهم سلف مشترك مع الشامبانزي، هذا البرهان متوافق بشكل متساوي مع سلف مشترك أو تصميم مشترك" [١٦]

الإشكالية الثانية:

يدعى أنصار التطور أن حدث الانصهار قد وقع بعد انفصال الخط التطوري للبشر عن الشامبنزي أي أنه لم يحدث إلا في النسب البشري. وهذا الأمر ببساطة دليل على وجود حالة من الانصهار الكروموزومي فى خط أسلاف البشر وليس دليلا على أن خطنا السلالي يعود إلى القردة العليا. كل ما يمكن أن يقدمه هو أن الانسان قد شهد بعض التغيير الجيني في الماضي ومن أجل أن يكون لهذا الحدث دلالة على نسب مشترك لابد أن يكون هناك ارتباط في حدث الإنصهار مع القردة العليا وهذا لم يحدث هنا وهذا خطأ منطقي آخر!

الإشكالية الثالثة:

وجود إشكال حقيقي في الافتراض أن سلفاً شبيهاً بالقردة قد تطور إلى الإنسان المعاصر (Homo sapiens) بالتزامن مع الحدث الجينومي الكبير للاندماج فإن فرضية الاندماج تحمل مشكلة للداروينية في ظل حقيقة الغياب الكلي لبشر يحملون عدد 48 كروموزوم، فعلى الرغم من ندرتها إلا أن الاندماجيات الكرموزومية قد تحصل في البشر و بصعوبة جدا تنتقل لذريتهم!

بعكس المشاهدات الواضحة لعدم قدرة نماذج الاندماج الكرموزومي على البقاء وانتخابها بالسلب والتخلص منها في الذرية لأنها بالغالب تنتج أفراداً عقيمة مشوهة أو مريضة [١٧] [١٨]كما في متلازمة داون مثلاً [١٩] إلا أننا نجد أن أنصار التطور يسيرون عكس الطريق الذي رسموه بأنفسهم (دور الإنتخاب الطبيعي) بإفتراض قدرة طفرة اندماج على الانتشار بطريقة كلية على مستوى كل الأفراد، وفي نفس الوقت فناء المجموعة الحاملة لعدد 48 كرموسوم بالكامل!

وفقا للمشاهدات فإن إعادة ترتيب الكروموزومات من هذا النوع لا ينتقل بسهولة إلى الأبناء. وحدوث الطفرات بهذا الحجم، يطرح مشاكل خطيرة بالنسبة للكائن الحي عند عملية إنتاج الأمشاج (البويضة والحيوانات المنوية المستخدمة خلال التكاثر الجنسي) وعملية توليد الأمشاج هو شكل خاص من الإنقسام الخلوي تعرف باسم الإنقسام الإختزالي [٢٠] أثناء هذه العملية، تحدث محاذاة لأزواج الكروموزومات، وهذا التوافق يعتمد على هيكل شبه متطابق من تسلسل أزواج الكروموزومات. وإذا ما كان هناك شخص يحمل طفرة مثل الانصهار الكروموزومي، فسوف يكون في كثير من الأحيان غير قادر على إنتاج الأمشاج،

لأن عملية الإنقسام الإختزالي ستفشل ولن تحدث بشكل صحيح بسبب المحاذاة غير المتوافقه للكروموزومات. لذلك من المعروف أن إندماج  الكروموزومات هو سبب من أسباب العقم لحامله كما أسلفنا [٢١]

يتضح لنا مما سبق, عدم صمود نموذج الانصهار فى وجه الإنتقاء الطبيعي!

ولعل الإشكالية الأكثر تعقيداً تكمن في الغياب الكامل للبشر ذوي 48 كرموزوم. فإذا كان صحيحا أن انقسام الكروموزومات قد وقع في تاريخ تطور الإنسان كما يدعي أنصار التطور، فإنه ولابد قد تكونت مجموعتان من البشر: واحدة تحتوي على 48 كروموزوم والتي لم تتغير، والثانية تحتوي على 46 كروموزوم وليدة حدث الإنصهار في الكروموزوم الثاني. المشكلة هنا، هي أن التفسير الوحيد القائم أمام تلك الفرضية هو أن جميع البشر الحاملين لعدد كروموزوم 48 قد انقرضوا تماما وتبخروا، لأن مثل هذا الحدث من الاندماج يصنع عزلاً وراثياً كما هو معروف، ولكن للخروج من ذلك المأزق فقد افترضت الداروينية وقوع حدث استثنائي (غامض ما) صب بالكامل في بقاء صفة الكرموزوم الملتحم وحافظ عليها بل وانتقاها رغم ضعفها وميزها عن الصفة السوية! والمفارقة العجيبة هنا أيضا تكمن في أن يُفني هذا الحدث الإنتخابي في ذلك الوقت الذي يفترضه أنصار التطور كل هؤلاء الأسلاف الأصليين الحاملين لعدد 48 كرموزوم وينتقي أفرادا حاملين لطفرة قاتلة ضارة في الغالب، في حين لا ينتقي مثل هذه الطفرات من الأقرباء المفترضين من القردة العليا وتبقى كما هي!

مواضيع ومفاهيم عن نظرية التطور
تشارلز داروين ، الأعضاء الأثرية ، عيوب التصميم ، التأسل الرجعي ، الأدلة الفسيولوجية على التطور ، تطور الحيتان ، اندماج الكرموسوم الثاني
تيارات : التصميم الذكي
منشورات عن التطور:
مصطلحات: نظرية ، مستحاثة ، الانتخاب الطبيعي ، الاصطفاء الاصطناعي ، نظرة الإسلام للتطور
مواضيع عن أصل الإنسان: إنسان ، 98% شمبنزي ، أصل الإنسان والسجل الأحفوري ، آردي ، Australopithecus sediba كشكل انتقالي
نقد نظرية التطور

قائمة المراجع

  1. http://www.livescience.com/27248-chromosomes.html
  2. ٢٫٠ ٢٫١ https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC187548
  3. Daniel Fairbanks, Relics of Eden: The Powerful Evidence of Evolution in Human DNA (Amherst, NY: Prometheus, 2007), 27
  4. Richard Sternberg, “Guy Walks Into a Bar and Thinks He’s a Chimpanzee: The Unbearable Lightness of Chimp-Human Genome Similarity,” Evolution News & Views (May 14, 2009), accessed March 6, 2012
  5. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/10575228
  6. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4662878
  7. http://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1111/j.1601-5223.1995.t01-1-00269.x/pdf
  8. ٨٫٠ ٨٫١ ٨٫٢ https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC187548
  9. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/19420924
  10. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/7720412
  11. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/labs/articles/2040204
  12. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/7726296
  13. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/9465402
  14. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/9408737
  15. http://creation.com/chromosome-2-fusion-2
  16. Science And Human Origins, Casey Luskin, Ann Gauger, and Douglas Axe, pp 92-93
  17. https://www.sciencedaily.com/releases/2009/07/090701082919.htm
  18. http://www.embryology.ch/francais/kchromaber/abweichende03.html
  19. http://www.sciencedirect.com.dianus.libr.tue.nl/science/article/pii/S0002937810007787
  20. http://www.yourgenome.org/facts/what-is-meiosis
  21. http://www.carolguze.com/text/442-5-chromosome_abnormalities.shtml